الأخبار

الإثنين 24 آذار 2008

شارك المقال

لبنان ليس للبيع

الحكومة ملزمة بوضع سياسات تجاريّة تضمن الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة«يجب أن لا يكون هدف الدولة اللبنانية تحرير التجارة، بل وضع سياسات تجاريّة تضمن الحقوق الاجتماعيّة، الاقتصاديّة والثقافيّة للجميع»... عبارة مثّلت محور الرسالة التي وجهها تحالف «لبنان ليس للبيع» إلى عدد من المسؤولين اللبنانيين، ومن بينهم وزير الاقتصاد والتجارة سامي حداد، تتعلق بدخول لبنان منظمة التجارة العالمية
يضم تحالف «لبنان ليس للبيع» 17 جمعية أساسية في المجتمع اللبناني، وعلى الرغم من زنتها الاجتماعية، إلا أنها تخرج عن إطار المفاوضات الجارية بين لبنان ومنظمة التجارة العالمية، ولا تستطيع المشاركة في القرار! لذلك أكد تحالف «لبنان ليس للبيع»، في رسالة وجهها إلى المسؤولين المعنيين في الحكومة اللبنانية، أن المفاوضات المصيرية يجب أن تتم بعد النقاش مع كلّ فئات الشعب، ودعا وحدة منظمة التجارة العالمية في وزارة الاقتصاد والتجارة إلى إنعاش عمليّة استشارتها للمجتمع المدني. كما طالب التحالف باحترام حقّ الشعب اللبناني بتنمية مستدامة، والاستقلال والأمان الغذائيين، وحماية القطاع الزراعي والخدمات الأساسيّة والصناعات الناشئة وتقويتها. كما طالبها بحماية مصلحة المجتمع اللبناني، وخاصّة الفئات الأكثر تهميشاً فيه. ورأى التحالف أن السياسات التجاريّة يجب أن تكون جزءاً مكمّلاً للخطط التوجيهيّة لأهداف «التنمية الألفيّة» المبنيّة على الأولويّات الوطنيّة والمحليّة. ودعا إلى تعزيز شفافية المفاوضات التجاريّة التي تجري حالياً من قبل الدولة اللبنانية في ضوء التحضير للانضمام إلى منظمة التجارة العالميّة، وببذل جهود أكثر لضمّ الأطراف الأكثر تأثّراً إلى عمليّات الاستشارة... وهذا بعض ما ورد في الرسالة:
حماية الزراعة والاستقلال الغذائي
يفاوض لبنان حالياً في اتّفاقيّات ثنائيّة ضمن منظّمة التجارة العالميّة، ما سينتج العديد من التغيّرات القانونية، ممّا يوجب مراقبتها جيّداً ليس فقط من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة، بل أيضاً من قبل الوزارات الأخرى، فللبنان الحقّ بحماية أمنه الغذائي، وللبنان الحقّ باستعمال المعايير المختارة بطريقة ذاتيّة ومحلّية، إذ تمثّل الزراعة وسيلة للاستمرار في غياب المهن البديلة، بالرغم من أن المنتج الزراعي ليس من ضمن الصادرات الرئيسية للبنان، وإنّ الزراعة يجب أنْ تعدّ قطاعاً استراتيجيّاً أساسيّاً، نظراً إلى أنّ حياة الكثيرين تعتمد عليه.
كما يعدّ لبنان مستورد غذاء من الدرجة الأولى، لهذا فإنّ أمن غذائه يتأثّر إلى حدّ كبير بالتغيّرات في أسعار المواد الغذائية العالمية. وفقاً لذلك، فإنّ على لبنان أن يقيّم التأثير المحتمل للتحرير التجاري في الزراعة على أهداف التنمية الألفيّة والخطط الوطنيّة لاستئصال الفقر، قبل الاستمرار بمفاوضات لمزيد من تحرير تجارته. بالإضافة إلى ذلك، تجب معالجة الدعم المحلي الذي يقدّمه عدد من البلدان للقطاعات الزراعية، ويجب أن تتوقّف عمليّة إغراق المنتجات الزراعية بدون أيّ شروط تمهيدية، وعلى لبنان أن يضمن لنفسه مجالاً قانونيّاً يخوّله متابعة السياسات الزراعية التي تدعم أهدافه التنموية، ويخفّض الفقر، والأمن الغذائي، والإعالة، وولوج الأسواق.
وقف ضرب الصناعات المحلية تدفع البلدان المتطورة البلدان النامية للتحرير التجاري، وتدّعي أنّ ازدياد التجارة يؤدّي إلى ازدياد النموّ الاقتصادي، كما أنّها تمنعها من حقّ استعمال الرسوم الجمركيّة، علماً بأنّ هذه الدّول المتطوّرة قد طوّرت اقتصاديّاتها في ظلّ سوق محميّة ومغلقة لا في ظلّ سوق مفتوحة غير محميّة، وهي ما تزال حتّى اليوم تقوم بإجراءات حمائية قوية. وقد واجهت بلدان عديدة التفكيك الكامل لصناعاتها المحلية عندما اعتنقت سياسات السوق الحرة، ما أدّى إلى دمار الثروة، والبطالة المتصاعدة، وإفقار عدد كبير من السكان، والاعتماد المتزايد على الاستيراد. فما تجب معرفته أنّ حماية الصناعات الصاعدة هو حقّ وعنصر ضروريّ في عمليّة التطوير والتنمية، وتجربة البلدان الأخرى التي عانت من انهيار صناعاتها الصاعدة بشكل سريع، بعد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، يجب أن تكون خير مثال للبنان وخير تحذير له.
إصلاح القطاع العام
تعدّ الخدمات ضرورية من أجل عملية التنمية ومن أجل إنجاز أهداف التنمية الألفية. وفي لبنان تمثّل قطاعات السياحة والسفر، والنقل، والاتصالات، والخدمات التجارية، قطاعات مربحة ومهمّة. وتحرير الخدمات هو أولوية ومهمّة فقط للشركات الدولية المتلهّفة للتوسع في أسواق جديدة. وتشغيل مرافق عامّة على قاعدة الربح سَيُؤدّي إلى واقع لا مهرب منه، وهو أنّ الفقراء لن يتمكّنوا من تحمّل كلفة الخدمات الأساسية.
وعلى لبنان أن يكون مدركاً للاتّجاهات الجديدة داخل منظمة التجارة العالمية، التي تفرض شروطاً إضافية على الشروط الأساسية المفروضة على البلدان المنضمّة حديثاً. وعلى الحكومة اللبنانية أن ترفض أسلوب القائمة السلبية للمفاوضات على الخدمات، وهذه الطريقة تقوم على جعل كلّ الخدمات مفتوحة للتحرير التجاري، وكلّ استثناء يوضع في القائمة السلبية، ويجب أن تتمسّك بالقائمة الإيجابية كما هي موضوعة من قبل الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات، وهذه الطريقة تقوم على إبقاء كلّ الخدمات خارج إطار التحرير التجاري، وكلّ استثناء يوضع في القائمة الإيجابية، كما يجب أن ترفض أيّ تحديد للمقاييس وأيّة فروض على القطاعات في المفاوضات على الخدمات. وعلى لبنان أيضاً أن يؤمّن مقاييس وقائية فعّالة في المفاوضات لحماية القطاعات المحلية، كما يحتاج إلى أن يؤمّن لنفسه مجالاً قانونيّاً وأن يحدّد الحدّ الأعلى للتعرفة المناسبة من أجل التطوير المستقبلي في القطاعات الخدماتية.
ومن المؤكّد أنّ القطاع العام في حاجة كبيرة إلى الإصلاح في سبيل التخلّص من الإدارة الفاسدة وتحسين الكفاءة. لذلك فإنّ تقوية الخدمات الحكومية ضرورية من أجل تحقيق التطوير والعدالة الاجتماعية. وعلى لبنان أن لا يستسلم لطلبات دائنيه الذين يصرّون على خصخصة القطاعات العامة مقابل مساعدته وإقراضه أموالاً أكثر، إذ إنّ عائدات الخصخصة لن تكون سوى مساهمة بسيطة في عمليّة خفض الدين، ويجب الإبقاء على الخدمات الأساسية كالماء والطاقة في يد الشعب اللبناني، كما يجب أن تستثنى الخدمات الأساسية الأخرى، ومن ضمنها التعليم، الصحة، والحماية الاجتماعية من التحرير التجاري.
التحرير والتهميش
يؤدّي التحرير التجاري إلى تغييرات في سوق العمالة، مثل إلغاء قيود التنظيم والخصخصة، ممّا يُؤثّر بشكل هائل على الفقراء والعمّال غير المهرة، بالإضافة إلى النساء والأطفال، ما يزيد من الفاقة والفقر، والمعوّقون في لبنان هم من بين الفئات الأكثر تضرّراً، وأيّ تحقيق للمزيد من التحرير يعرّضهم للمزيد من التهميش. كما أن الدخول إلى الاقتصاد العالمي يفاقم مشكلة عدم المساواة بين الجنسين. وأثناء عملية إعادة الهيكلة، النساء هنّ أوّل من يطرد من عمله وآخر من يوظّف، فينتهي بهن الأمر في أعمال قليلة الأجر وغير ثابتة، كما يفقدن المصادر التقليدية للدخل، كتلك المتأتية من الزراعة الصغيرة النطاق، ممّا يسبّب أكثر في تفقيرهنّ.
التغييرات في أسواق العمالة الناجمة عن العولمة أدّت أيضاً إلى زيادة في عمالة الأطفال في العديد من الدول النامية. لذا على الحكومة اللبنانية أن تحتفظ بسيادة سياستها كي تأخذ بالاعتبار الحاجات الخاصّة للفئات المهمّشة في المجتمع، وضمان الوصول الحرّ والمتساوي لكامل أفراد المجتمع إلى كل الموارد.
لذلك، فإن أيّ قرار يتّخذ، سواء عن معايير التفاوض أو إمكان الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أو أيّة اتفاقيات تجاريّة حرّة أخرى ،يجب أن يكون مستنداً إلى الحكم المستقل والصحيح. لذلك يجب القيام بدراسات شاملة من أجل تقدير التأثير المستمر على الزراعة والخدمات والصناعة، كما يجب اتّخاذ إجراءات جدّية من أجل مواجهة تأثيرات تحرير الأسواق.


جمعيات «لبنان ليس للبيع»
يضم تحالف «لبنان ليس للبيع» 17 جمعية لبنانية، هي: جمعية النجدة الشعبية اللبنانية، «أتاك لبنان» جمعيّة التنمية الخيريّة الاجتماعيّة، الحركة الثقافية ـــ أنطلياس، الجمعيّة اللبنانية لحقوق الإنسان، اتّحاد المقعدين اللبنانيّين، المؤسسة الوطنية للرعاية الاجتماعيّة والتأهيل المهني، نقابة المزارعين اللبنانيين، مركز الدراسات حول الشأن العام، الخط الأخضر، تجمّع الهيئات الأهليّة التطوعية في لبنان، جمعية الخدمات الإنسانية والاجتماعية في الشمال، مؤسسة تنمية المرأة في عكار، مؤسسة الكنج للإنماء في عكار، الجمعية التعاونية للتنمية الريفية والاجتماعية في عكار، جمعية التنمية للإنسان والبيئة، مؤسسة الأمل للمعوّقين، ومؤسسة عامل.
(الأخبار)

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي